وحرّيّاتهم، وتنهى عن الغيبة وتحذّر منها، وتبيّن أنّ الناس جميعا خلقوا من أصل واحد، ثم تفرعت بهم الشعوب والقبائل، والعلاقة بين الناس أساسها التعارف على الخير، وأكرم الناس عند الله أكثرهم تقوى وطاعة لأمره والتزاما بهديه [الآيات ١٢- ١٣] .
[الإيمان قول وعمل]
وفي ختام السورة نجد لوحة هادفة، ترسم معالم الايمان.
فالمؤمن الحق من آمن بالله ورسوله، ولم يتطرق الشك الى قلبه، وأتبع ذلك بالجهاد والعمل على نصرة الإسلام، وسار في طريق العقيدة السليمة والتزم بآدابها وهديها.
ونجد صورة نابية للأعراب الذين افتخروا بالإيمان، وتظاهروا به رياء وسمعة، وجاءوا في تيه وخيلاء يمنّون على النبي أنّهم دخلوا في الإسلام، وهي صورة كريهة فيها الرياء والسمعة والمنة، مع أن الله هو العليم بنفوسهم والبصير بخباياهم، وهو صاحب الفضل والمنّة عليهم إن كانوا صادقين.
إن المؤمنين الصادقين هم الذين آمنوا بالله ربّا، واختاروا الإسلام دينا، وصدّقوا بمحمد (ص) نبيّا ورسولا، وجمعوا بين صدق اليقين وأدب السلوك [الآيات ١٤- ١٨] .
وفي الحديث الشريف:«ليس الإيمان بالتمنّي ولكن ما وقر في القلب وصدق في العمل» .
[الهدف الاجمالي للسورة]
قال الفيروزآبادي: معظم مقصود سورة الحجرات ما يأتي:
«المحافظة على أمر الحق تعالى، ومراعاة حرمة الأكابر، والتّؤدة في الأمور، واجتناب التهوّر، والنجدة في إغاثة المظلوم، والاحتراز عن السخرية بالخلق والحذر عن التجسّس والغيبة وترك الفخر بالأحساب والأنساب، والتحاشي عن المنّة على الله بالطاعة» .
«وقد تكرّر خطاب المؤمنين في السورة خمس مرات، بقوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا والمخاطبون هم المؤمنون في الآيات [١ و ٢ و ٦ و ١١ و ١٢] والمخاطب به أمر ونهي، وفي الآية [١٣] يا أَيُّهَا النَّاسُ والمخاطب به المؤمنون والكافرون حيث قال سبحانه: إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى [الآية ١٣] والنّاس كلّهم في ذلك شرع سواء» .