هذا الحديث وأمرها بستره، قالته لزميلتها، ثم اطلع الله رسوله على حديثهما.
قال ابن جرير الطبري: «والصواب من القول في ذلك أن يقال: كان الذي حرمه النبيّ (ص) على نفسه شيئا كان الله قد أحلّه له، وجائز أن يكون ذلك كان جاريته، وجائز أن يكون كان شرابا من الأشربة، وجائز أن يكون كان غير ذلك غير أنّه أيّ ذلك كان، فإنّه كان تحريم شيء كان له حلالا، فعاتبه الله على تحريمه على نفسه» .
النبيّ (ص) يهجر نساءه
كان من جراء هذا الحادث، وهو تحريم مارية أو تحريم العسل، وما كشف عنه من مكايدات في بيت الرسول (ص) ، أن غضب النبي، فالى من نسائه لا يقربهن شهرا، وهمّ بتطليقهنّ، ثمّ نزلت هذه السورة وقد هدأ غضبه (ص) فعاد إلى نسائه.
روى الإمام أحمد في مسنده، والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، أن ابن عبّاس سأل عمر عن المرأتين اللتين قال الله تعالى لهما: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [الآية ٤] فقال عمر: هما عائشة وحفصة، ثم قال عمر: كنّا معشر قريش قوما نغلب النساء فلمّا قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم، قال عمر: فبينما أنا في أمر، إذ قالت لي امرأتي: لو صنعت كذا كذا، فقلت لها: ومالك أنت، ولم هاهنا وما تكلّفك في أمر أريده؟ فقالت لي: عجبا لك يا ابن الخطّاب؟ ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله (ص) حتّى يظل يومه غضبان، وإن أزواج رسول الله (ص) ليراجعنه، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى الليل قال: فانطلقت، فدخلت على حفصة، فقلت أتراجعين رسول الله (ص) حتّى يظلّ يومه غضبان؟
فقالت حفصة: والله إنّا لنراجعه، فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله، يا بنيّة لا يغرّنك هذه التي أحذّرك عقوبة حسنها وحب رسول الله (ص) إيّاها. واعتزل رسول الله (ص) نساءه شهرا، منقطعا عنهنّ في مشربة منعزلة، واستأذن عمر على رسول الله (ص) ثلاث مرّات حتّى أذن له، قال عمر: فدخلت، فسلّمت على رسول الله (ص) ، فإذا هو متّكئ على رمل حصير قد أثّر في جنبه، فقلت: