غير مرة، وكان في استماع الجن للنبي (ص) ، بمكّة قبل الهجرة، تطييبا لخاطره، وتصديقا لدعوته، وتحقيقا للحق بشأن الجن، وتصحيحا لمفاهيم الجاهلية عن الجن، وترشيدا للمسلمين ليكون إيمانهم عن بينة. وقد ساقت سورة الجنّ كثيرا من الحقائق عن الألوهيّة والعقيدة والوحدانية، وإخلاص العبادة لله سبحانه فهي سورة الجنّ، ولكنها توجيه وإرشاد وتعليم للخلق أجمعين.
[أسماء السورة]
نلاحظ أنّ السورة في القرآن، تسمّى بأغرب شيء فيها، أو أهمّ شيء فيها، فسورة البقرة اشتملت على قصة قتيل ضرب بقطعة من البقرة، فردّت إليه الحياة. وسورة آل عمران اشتملت على قصة مريم ابنة عمران، وسورة النساء اشتملت على ذكر أحكام النساء.
وسورة المائدة اشتملت على قصة المائدة التي نزلت من السماء استجابة لدعاء عيسى (ع) .
كما سمى الله سبحانه سور كتابه الكريم، بأسماء تبعث على النظر والاعتبار، وتوجب التفكير، فسمى بالأنعام وبالحشرات كالنمل والنحل والعنكبوت، وبما هو ألطف من ذلك كالنور كما سمى ببعض الأنبياء، كيوسف ويونس وهود عليهم السلام وببعض الأخلاق كالتوبة وببعض الكواكب العلوية كالشمس والقمر والنجم وببعض الأوقات كالليل والفجر والضحى وببعض المعادن كالحديد وببعض الأماكن كالبلد وببعض النبات كالتين وكل ذلك مما نراه.
وهنا، سمّى هذه السورة بعالم لا نراه، وهو عالم الجن، وهو عالم لم يعرف في الإسلام إلّا من طريق الوحي، وليس للعقل دليل عليه فالمؤمن يؤمن بالغيب، ويؤمن بالملائكة وبالجن، على نحو ما ورد في القرآن.