إنذار الكافرين وتبشير المؤمنين فليس على النبي (ص) إلا أن ينذرهم ويبشّرهم، ولا يصحّ له أن يحزن لعدم إيمان قومه ورؤسائهم به، لأنه لا قيمة لما عندهم من أمر الدنيا. وقد مهّد بهذا لذكر قصة أصحاب الكهف، لأنهم آثروا دينهم على دنيا قومهم، واعتزلوهم في الكهف حينما خافوا منهم على دينهم، ثم ذيّل قصة أصحاب الكهف بما يناسب الغرض من ذكرها ثم ذكر قصة الرجل الطوّاف وهو ذو القرنين، وذيّلها بما ذيّلها به إلى آخر السورة.
وقد ذكرت هذه السورة بعد سورة الإسراء لأنها، مثلها، تنوّه بشأن القرآن، ولأنّ سورة الإسراء جاء في ختامها تنزيه الله عن الولد، وقد جاء في أوّل سورة الكهف إنذار للذين قالوا اتّخذ الله ولدا.
المقدمة الآيات [١- ٨]
قال الله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) ، فذكر أنه أنزل عليه القرآن كاملا في ذاته، مكمّلا لغيره، لينذر الكافرين عامّة بأسا شديدا من لدنه، ويبشّر المؤمنين بأنّ لهم أجرا حسنا، وينذر الذين قالوا إنّ الله اتّخذ ولدا ثم ذكر للنبي (ص) أنه لعلّه باخع نفسه أسفا، لأنّ قومه لم يؤمنوا بما أنزل عليه، وأنه جعل ما على الأرض زينة لها ليبلوهم أيّهم أحسن عملا:
وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨) .
قصة أصحاب الكهف الآيات [٩- ٨٢]
ثم قال تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩) فذكر للنبي (ص) أنه حسب أنّ أصحاب الكهف والرقيم (اسم كلبهم) كانوا عجبا من آياته وأمره أن يذكر إذ أووا إلى الكهف طالبين منه أن يرحمهم ويرشدهم إلى رضاه، فضرب على آذانهم في الكهف سنين عددا، ثم بعثهم ليظهر أيّ الحزبين المختلفين في