وبهذه المناسبة ذكرت السورة مصادر التشريع التي يجب أن يرجع إليها المسلمون في تصرفاتهم وأحكامهم وهي:
أولا- القرآن الكريم، والعمل به هو طاعة الله.
ثانيا- سنة الرسول قولية كانت أم فعلية والعمل بها هو طاعة الرسول.
ثالثا- رأي أهل الحل والعقد في الأمة من العلماء وأرباب النظر في المصالح العامة كالجيش، والزراعة، والصناعة، والتعليم، كلّ في دائرة معرفته واختصاصه، والعمل بالرأي هو إطاعة أولي الأمر.
وهذه المصادر في الرجوع إليها مرتّبة على هذا النحو، فلا نرجع إلى السّنّة إلا بعد عدم العثور على الحكم في القرآن، فنرجع إلى السنة حينئذ، إما لمعرفة الحكم الذي لم يرد في القرآن، وإما لبيان المراد مما ورد في القرآن. ولا نلتجئ إلى رأي أولي الأمر إلا بعد عدم العثور على الحكم في السنة، وعندئذ نرجع إليهم ليجتهدوا رأيهم. وهذا الاجتهاد هو عنصر «الشورى» الذي عليه أمر المسلمين.
ومتى تحقق الاتفاق وجب العمل به ولا يصح الخروج عنه ما دامت وجوه النظر التي أدت إليه قائمة، وهو أساس فكرة الإجماع في الشريعة الإسلامية.
وقد انتفع به المسلمون كثيرا، واتسع به نطاق الفقه الإسلامي، وبخاصة في ما ليس منصوصا عليه في كتاب الله وسنة الرسول وهو يشمل إصدار حكم على حادثة مثل حادثة سابقة للاشتراك بينهما في المعنى الموجب لذلك الحكم، وهذا هو المعروف، في لغة الفقهاء والأصوليين، باسم «القياس» وقد بحثوه بحثا مستفيضا، بيّنوا فيه أركانه، وشرائطه، وعلته، وما ينقضه، وما لا ينقضه وما يجري فيه، وما لا يجري فيه، وقد تكفلت به كتب الأصول فليرجع إليها من يشاء.
[الاجتهاد من مصادر التشريع وبابه مفتوح أبدا]
ويشمل أيضا النظر في تعرف حكم الحادثة من طريق القواعد العامة وروح التشريع التي عرفت من جزئيات الكتاب، وتصرفات الرسول، وأخذت في نظر الشريعة مكانة النصوص القطعية التي يرجع إليها في تعرف الحكم للحوادث الجديدة. وهذا النوع