للإسلام، وقد فتحت مكة بعد عمرة القضاء بسنة واحدة. إذ كان صلح الحديبية سنة ٦ هـ وعمرة القضاء سنة ٧ هـ، وفتح مكة سنة ٨ هـ. كما أن هذا الصلح يسّر للمسلمين نشر الدعوة، وشرح الفكرة، ودعوة الناس الى الإسلام، ومكاتبة الرسل والملوك.
الأحداث وسورة «الفتح»
نزلت سورة «الفتح» في أعقاب صلح الحديبية، فباركت السورة هذا الصلح وجعلته فتحا مبينا وبشرت النبي (ص) بالمغفرة والنصر وإتمام النعمة. وقد فرح النبي الكريم بهذه السورة فرحا شديدا (انظر الآيات ١- ٣) .
واشتملت السورة على بيان فضل الله سبحانه على المسلمين حين أنزل السكينة والأمان والرضا في قلوبهم، كما اعترفت السورة للمؤمنين بزيادة الإيمان ورسوخه، وبشّرتهم بالمغفرة والثواب.
وتوعّدت السورة المنافقين والكفار بالعذاب والنكال (انظر الآيات ٤- ٦) . ثم نوّهت ببيعة الرضوان واعتبارها بيعة الله، وربط قلوب المؤمنين مباشرة بربهم من هذا الطريق بهذا الرباط المتصل مباشرة بالله الحي الباقي الذي لا يموت [الآية ١٠] .
وبمناسبة البيعة والنكث، التفت السياق الى الأعراب الذين تخلّفوا عن الخروج، ليفضح معاذيرهم، ويكشف ما جال في خاطرهم من سوء الظن بالله، ومن توقع السوء للرسول ومن معه، والتفت السياق، أيضا، إلى توجيه الله تعالى الرسول (ص) الى ما ينبغي أن يكون موقفه منهم في المستقبل، وذلك بأسلوب يوحي بقوة المسلمين وضعف المخلّفين كما يوحي بأن هناك غنائم وفتوحا قريبة يسيل لها لعاب المخلّفين المتباطئين [انظر الآيات ١١- ١٧] .
[الله يبارك بيعة الرضوان]
كان الربع الثاني من سورة الفتح تمجيدا لهؤلاء الصفوة من الرجال، وتسجيلا لرضوان الله عليهم حين بايعوا رسول الله (ص) تحت الشجرة، والله عز وجل حاضر هذه البيعة وشاهدها وموثقها، ويده فوق أيديهم فيها، تلك المجموعة التي حظيت بتلك اللحظة القدسية وذلك التبليغ الالهي: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ