قتالهم، ولا يقتلوا من يلقي إليهم السلام منهم طمعا في أموالهم، وذكر لهم أنهم كانوا كفارا مثلهم فمنّ عليهم بالإسلام، وقد يمنّ عليهم بالإسلام مثلهم.
ثم ذكر أنه لا يستوي القاعدون عن الجهاد والمجاهدون بأموالهم وأنفسهم، واستثنى من القاعدين أولي الضّرر لأنه لا جهاد عليهم، ثم ذكر من فضل المجاهدين على القاعدين ما ذكر، وأتبعه بوعيد من قعد عن الجهاد في دار الكفر، وأوجب عليهم الهجرة منها إلى دار الإسلام، واستثنى منهم المستضعفين الذين لا يمكنهم الهجرة، ثم رغّبهم في الهجرة بأنهم يجدون بها في الأرض مراغما كثيرا وسعة، وهذا إلى ما يكون لهم عند الله من عظيم الأجر.
ثم بيّن لهم كيف يؤدون الصلاة في زمان الخوف والاشتغال بمحاربة العدو، فأباح لهم قصر الصلاة إذا ضربوا في الأرض للجهاد، فإذا صلّوا خلف النبي (ص) في حال الحرب، فليقسموا أنفسهم في الصلاة خلفه، ولا يصلّوا خلفه دفعة واحدة، فإذا زال الخوف أتوا بالصلاة على وجهها المعروف، ثم ختم الكلام على القتال وأحكامه بقطع العذر عليهم فيه فقال وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٠٤) .
تحريم المحاباة في الحكم الآيات [١٠٥- ١٢٦]
ثم قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (١٠٥) وكان طعمة بن أبيرق سرق درعا، فلما طلبت منه رمى بها واحدا من اليهود، فجاء قومه يطلبون من النبي (ص) أن يعينهم عليهم، فذكر له أنه أنزل عليه الكتاب ليحكم بين الناس بما يريه إياه، ونهاه أن يخاصم للخائنين وأمره أن يستغفره من ذلك، تعريضا بمن فعل ذلك من قوم طعمة، ثم وبّخهم على ما كان منهم، وذكر أنهم إذا جادلوا عن الخائنين في الدنيا، فمن يجادل عنهم يوم القيامة، وأن من يعمل سوءا ويستغفر الله ولا يرم به بريئا يغفره الله له، ومن يعمل سوءا ثم يرم به بريئا، فقد أضاف إليه إثما أشنع