للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) .

وهكذا يعلن عيسى (ع) عبوديّته لله سبحانه. فليس هو ابنه كما تقول فرقة، وليس هو إلها كما تقول فرقة، وليس هو ثالث ثلاثة كما تقول فرقة ثالثة ويعلن أن الله جعله نبيّا لا ولدا ولا شريكا، وأن الله أوصاه بالصلاة والزكاة مدّة حياته.

[أسلوب القرآن]

نحسّ في كلمات هذه السورة السهولة واليسر، والرضا واللطف، فهي كلمات معبّرة عن معانيها فمعاني السورة تدور حول فضل الله على زكريّا ومريم، وغيرهما من الأصفياء.

ويتمثّل الرّضا والسلاسة واليسر في معاني السورة، كما يتمثّل في ألفاظها وفواصلها، وهي: رضيّا، سريّا، حفيّا، نجيّا ...

فأمّا المواضع التي تقتضي الشدّة والعنف، فتجيء فيها الفاصلة مشدّدة على حرف الدال في الغالب: مدّا، ضدّا، إدّا، هدّا، أو زايا: عزّا، أزّا، ركزا.

ويتنوّع الإيقاع والفاصلة بتنوّع الجو والموضوع في هذه السورة، فهي تبدأ بقصّة زكريّا ويحيى، فتسير الفاصلة والقافية هكذا:

ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣) وتليها قصّة مريم وعيسى فتسير الفاصلة على النظام نفسه:

ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا

(٣) وتليها قصّة مريم وعيسى فتسير الفاصلة على النظام نفسه: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧) .

إلى أن ينتهي القصص، ويجيء التعقيب، لتقرير حقيقة عيسى بن مريم، وللفصل في قضية بنوّته، فيختلف نظام الفواصل. تطول الفاصلة وتنتهي بحرف الميم أو النون المستقرّ الساكن، وكأنّما الآيات تعبّر عن حكم بعد نهاية القصّة، مستمدّ منها ولهجة الحكم تقتضي أسلوبا تعبيريّا غير أسلوب الاستعراض، وتقتضي ايقاعا قويّا رصينا، بدل إيقاع القصّة الرضيّ المسترسل، فيقول سبحانه: