للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الفلق» «١»

قوله تعالى: وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) استعارة، والمراد بالغاسق هنا الليل، وقيل إنّه في الأصل اسم لكل وارد، بما يستضرّ به، ويخاف منه فسمّي الليل غاسقا، لأنه يرد بالمخاوف، ويطرق بالدواهي، في الأغلب والأكثر، لأنه يستنهض السّباع من مرابضها، ويستدلق «٢» الهوام من مكامنها، إلى غير ذلك، وما يجري هذا المجرى ومعنى «وقب» أي دخل بما يدخل به، ممّا أومأنا إلى ذكره، يقال: وقب يقب وقوبا إذا دخل، وقال بعضهم الكوكب، وإنّما سمّي الليل به، لأنه لا يكون إلّا بالليل، والأوّل أصحّ، لأن الغسق اسم للظلام، ويقال غسق الليل إذا أظلم.

وقوله تعالى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) .

وهذه استعارة على أحد التأويلين، وهو أن يكون المراد بذلك، في قول بعضهم، الاستعاذة من شرّ النساء، اللاتي يفسخن عزائم الرجال بمكرهنّ، وينقضن أيديهم بكيدهن، وعقد الرجال هنا كناية عن عزائمها، ومواضع الثبات والتماسك منها، وذلك تشبيه بما يلقيه النافث من ريقه على العقدة، تكون في الحبل، ليسهل انحلالها، وينطلق انعقادها.


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «تلخيص البيان في مجازات القرآن» ، للشريف الرضي، تحقيق محمد عبد الغني حسن، دار مكتبة الحياة، بيروت، غير مؤرّخ.
(٢) . يستدلق: يستخرج. [.....]