للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي ينبغي ألّا يطّلع عليها غير الزوجين، كما أمر الرجل أن يقوم بحق الأسرة وأن ينفق عليها وأن يفي بالتزاماته نحوها. وجعل نفقة الرجل على أولاده، ورعايته لهم، نوعا من الكفاح والجهاد السلمي يثاب المؤمن على فعله، ويعاقب على تركه.

[اليتامى]

أمرت السورة بعد ذلك برعاية اليتامى والمحافظة على أموالهم، وإكرام اليتيم لصغره وعجزه عن القيام بمصالحه. وحذّرت السورة من إتلاف أموال اليتامى أو تبديدها، وحثّت على القيام بحقوقهم واختبارهم في المعاملات قبيل سن البلوغ، حتى يكون اليتيم مدربا على أنواع المعاملات والبيع والشراء عند ما يتسلّم أمواله.

وقد توعّدت السورة آكل مال اليتيم بالنار والسعير، والعذاب الشديد. وقد مهدت لهذه الأحكام في آياتها الأولى، فطلبت تقوى الله وصلة الرّحم، وأشعرت أنهم جميعا خلقوا من نفس واحدة، أي أن اليتيم، وإن كان من غير أسرتكم، فهو رحمكم وأخوكم فقوموا له بحق الأخوّة وحق الرحم، واعلموا أن الله الذي خلقكم من نفس واحدة، وربط بينكم بهذه الرحم الإنسانية العامة، رقيب عليكم يحصي أعمالكم، ويحيط بما في نفوسكم ويعلم ما تضمرون من خير أو شر فيحاسبكم عليه. وبعد هذا التمهيد، الذي من شأنه أن يملأ القلوب رحمة، يأمرهم الله بحفظ أموال اليتامى حتى يتسلموها كاملة غير منقوصة، ويحذرهم من الاحتيال على أكلها من طريق المبادلة، أو من طريق المخالطة قال تعالى:

وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً [الآية ٢] .

أي لا تخلطوا مال اليتيم بمالكم ليكون ذلك وسيلة تستولون بها على مال اليتيم، تحت ستار الإصلاح بالبيع أو الشراء، بذريعة أنه منفعة لليتيم أو بالخلط والشركة، بذريعة أنه أفضل لليتيم.

وقد تحرّج أتقياء المسلمين من مخالطة اليتيم فأباح الله مخالطة اليتامى ما دام القصد حسنا والنية صادقة في نفع اليتيم، والله سبحانه مطلع على السرائر ومحاسب عليها.

وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً [الآية ٦] .