اختلف العلماء في تاريخ نزول الفاتحة، فقيل إنها نزلت بمكة بعد سورة «المدّثّر» ، وهو قول أكثر العلماء. وقيل إنها نزلت بالمدينة، وهو قول مجاهد. وقيل إنها نزلت مرتين: مرة بمكة ومرة بالمدينة، وسبب ذلك، التنبيه إلى شرفها وفضلها. وإذا كانت قد نزلت بعد سورة «المدّثّر» ، فهي خامسة سور القرآن في النزول. وقد نزلت بذلك في مرتبتها كفاتحة للكتاب، بعد المناسبات التي اقتضت سبق السور الأربع لها.
وبهذا تكون من السور التي نزلت بين ابتداء الوحي والهجرة إلى الحبشة.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم لأن القرآن افتتح بها في مصحف عثمان، وهو المصحف الذي اعتمد على ترتيبه جمهور المسلمين، وتبلغ آياتها سبع آيات.
[الغرض منها وترتيبها]
نزلت هذه السورة لتكون من القرآن بمنزلة المقدمة للكتاب، لأن نظام التأليف يقضي بألا يفاجئ المؤلف قرّاء كتابه بمقصوده منه، بل يجب أن يبدأه على بصيرة به قبل الشروع فيه. وهذه المقدمة يجب أن تشتمل على ثلاثة أركان:
أوّلها، افتتاحها باسم الله، والحمد
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفني في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي، مكتبة الآداب بالجمايز- المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة، القاهرة، غير مؤرّخ.