(٢) . وذلك في قوله تعالى: غُلِبَتِ الرُّومُ (١) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ الى قوله تعالى وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ [الآيات ٢- ٥] . (٣) . ذكر المؤلّف في المقدّمة: أنه ألّف هذا الكتاب الموسوعي، ولم نعثر عليه في قوائم المخطوطات، وأشار اليه في الإتقان: ١: ٢٨١، ٣: ٣٦٩. والذي نراه في سبب عدم افتتاح العنكبوت والروم بالكتاب أو وصفه، والله أعلم: أنّه لمّا تكرّر الحديث عن الكتاب عقب الحروف المقطّعة، وأنه من عند الله، وهدى للمتقين، وتنزيل من رب العالمين، كان لا بد من ابتلاء المصدّقين به حتّى ينعزل المنافقون عن المؤمنين، ويظهر الصادق في إيمانه من الكاذب، وهذا بمثابة الاختبار العملي لاستجابة الناس لأمر الكتاب، ولا سيّما وأن ثمّة حملة تشكيك أثارها الكفّار ضد الايمان. ولذا قال تعالى في العنكبوت: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ [العنكبوت: ١٠] الى أن قال جلّ وعلا: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ [العنكبوت: ١٢] . أمّا في الروم، فقد عقبت الحروف المقطّعة باختبار ودليل على صدق وعد الكتاب، الذي صدّق الكتاب بالإخبار عن المستقبل، وما يجري فيه من وعد الروم بالنصر بعد الهزيمة. وهذا ابتلاء يميّز الله به المؤمنين من المنافقين عند هذا الوعد، وموقف الفريقين منه. ودليل على صدق الكتاب، وأنّه من الله سبحانه حينما تحقق النصر بالفعل. وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦) . أمّا سورة القلم، فكانت ثالثة السور نزولا بمكّة، وكان الكفّار قد أرجفوا بأنّ الرسول (ص) مجنون، أو به مسّ من الجن، فاقتضى الأمر تسليته وتثبيت فؤاده، وقدّم هذه التسلية على الدفاع عن القرآن الذي جاءه عقب ذلك في الآيات وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) [القلم] الى: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) [القلم] .