يبدأ القسم الأول من السورة بأحرف ثلاثة هي ألف، لام، راء، كما بدأت سورة البقرة وسورة آل عمران بأحرف مشابهة، ذكر العلماء أنها أسماء للسورة أو إشارة إلى أسماء الله تعالى وصفاته، أو هي لبيان إعجاز القرآن الكريم، أو هي مما استأثر الله تعالى بعلمه. ثم تأخذ السورة في عرض عدة أمور، هي بيان حكمة القرآن وطريقته في تنبيه الغافلين إلى تدبّر آيات الله سبحانه، في صفحة الكون وتضاعيفه: في السماء والأرض، وفي الشمس والقمر، وفي الليل والنهار، وفي مصارع القرون الأولى، وفي قصص الرسل فيهم، وفي دلائل القدرة الكامنة والظاهرة في هذا الوجود.
ثم تشرح السورة، الحكمة في الإيحاء إلى رجل من البشر، يعرفه الناس ويطمئنون إليه، ويأخذون منه، ويعطونه، بلا تكلّف ولا جفوة ولا تحرّج، وتذكر الحكمة من إرسال الرسل.
فالإنسان بطبعه مهيّأ للخير والشر، وعقله هو أداته للتمييز. ولكن هذا العقل في حاجة إلى ميزان مضبوط يعود إليه دائما كلما اختلط عليه الأمر وأحاطت به الشبهات وجذبته التيارات والشهوات. وهذا الميزان الثابت العادل هو هدى الله وشريعته.
وتلفت سورة، النظر إلى خلق السماوات والأرض وتدبير الأمر فيهما، وإظهار قدرة الله تعالى:
وقدر اختلاف الليل والنهار، وخلق هذا ودبّره، فهو سبحانه الذي يليق أن يكون ربّا يعبد، ولا يشرك به شيء من خلقه.
إن هذا الليل المظلم، الساكن إلّا من دبيب الرؤى والأشباح، وهذا الفجر المتفتّح في نهاية الليل كابتسامة الوليد، وهذه الحركة التي يتنفس بها الصبح فيدب النشاط في الحياة والأحياء، وهذا الطير الرائح الغادي القافز الواثب الذي لا يستقر على حال، وهذا النبت النامي المتطلع أبدا إلى النمو والحياة، وهذه الخلائق الذاهبة الآيبة في تدافع وانطلاق، وهذه الأرحام التي تدفع، والقبور التي تبلع، والحياة ماضية في طريقها كما شاء الله.