ثمّ قال تعالى: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٧٨) فذكر ان الهداية والإضلال بيده وحده جلّ جلاله، فمن يهده فهو المهتدي ومن يضلله فأولئك هم الخاسرون ثمّ ذكر أنه خلق لجهنم كثيرا من الجن والإنس لا يعتبرون بما قصّه من ذلك، لأنهم لا يفقهون ولا يبصرون ولا يسمعون، فهم كالأنعام بل هم أضلّ ثمّ ذكر أن له سبحانه الأسماء الحسنى، وأمرهم أن يدعوه بها ولا يتّبعوا الذين يلحدون في أسمائه من أولئك الجهلاء وأنّ ممّن خلقه، أمة يهدون بالحق، فلا يلحدون في أسمائه وأنّ الذين كذّبوا بآياته، سيستدرجهم، ثمّ يأخذهم بغتة كما أخذ أولئك الأولين ثمّ وبّخهم على ترك التفكير في أمر النبي (ص) ليعلموا أنه ليس به جنّة، وإنما هو نذير مبين كما وبّخهم لأنّهم لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض ليعرفوا خالقهم، وفيما ينذرهم به، ليعلموا أنه قد اقترب أجلهم ثمّ ذكر أن من يضلله فلا يهتدي بشيء من ذلك، ويتركهم في طغيانهم يعمهون.
ثمّ ذكر سبحانه أنهم سألوا النبيّ (ص) عن ساعة ذلك العذاب أيّان مرساها؟ فأجابهم النبيّ (ص) بأنّ علمها عند الله وحده، وهي لا تأتيهم إلّا بغتة من غير سابق علم، وبأنه لم يدّع لهم أنه يملك لنفسه نفعا أو ضرّا، أو يعلم الغيب حتى يكون إليه ذلك الأمر وإنما يرجع ذلك إلى مشيئة الله وإرادته، وما هو إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون.
ثم أخذ السّياق يبين لهم فساد شركهم، فذكر سبحانه أنه هو الذي خلقهم من نفس واحدة وجعل منها زوجها، فلمّا حملت منه دعوا الله لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فلمّا آتاهما ما طلبا جعل أولادهما له شركاء فيما آتاهما ثمّ وبخهم على أن يشركوا به مالا يخلق شيئا وهم يخلقون، إلى غير هذا مما ذكره في إبطال شركهم، ثم أمر النبي (ص) أن يأمرهم بدعوة شركائهم لكيده، تعجيزا لهم، وأن يذكر لهم أن وليّه الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين وأنّ هؤلاء الشركاء لا يستطيعون نصرهم ولا نصر أنفسهم، ثمّ ذكر سبحانه أن