هذا الكون، وهو يحمد ويسبّح بلسان الحال، للقدرة التي صاغت هذا النظام، كما أن كل مصنوع جميل متقن، يسبّح ويعلن عن حمد الصانع والثناء عليه، بما يحمله من جمال وإتقان.
وقد اختار التعبير أن يجعل صوت الرعد تسبيحا للحمد، اتّباعا لمنهج التصوير القرآني في مثل هذا السياق، وخلع سمات الحياة وحركاتها على مشاهد الكون الصامتة، لتشارك في المشهد بحركة من جنس حركة المشهد كلّه، وقد انضم الى تسبيح الرعد بحمد الله، تسبيح الملائكة من خوفه ومن تعظيمه، وفي آية أخرى يقول سبحانه:
وفي الحديث النبوي يقول الرسول (ص) : «أطّت السماء وحق لها أن تئطّ، ما فيها موضع قدم إلّا وفيه ملك راكع أو ساجد يسبّح الله تعالى» .
ثم يعبّر السياق عن خضوع الكائنات جميعها لمشيئة الله تعالى بالسجود، وهو أقصى رمز للعبودية، فتسجد الكائنات ويسجد ظلها معها عند انكسار الأشعة، وامتداد الظلال فإن شخوص الكون كله وظلاله، جاثية خاضعة من طريق الإيمان أو غير الإيمان سواء، كلّها تسجد لله.
في النصف الاول من سورة الرعد حدثتنا السورة عن المشاهد الهائلة في آفاق الكون وأعماق الغيب وأغوار النفس.
وفي النصف الثاني من السورة تسترسل الآيات في لمسات وجدانية وعقلية وتصويرية دقيقة رقيقة، حول قضية الوحي والرسالة، وقضية التوحيد والشركاء، ومسألة طلب الآيات واستعجال تأويل الوعيد. وهي جولة جديدة حول تلك القضايا في السورة.
وتبدأ هذه الجولة بلمسة في طبيعة الإيمان وطبيعة الكفر، فالأول علم والثاني عمّى: