أشهر يسيحون في الأرض، وأتمّ فيها عهد من وفي بعهده إلى مدته، لتخلص جزيرة العرب للمسلمين وحدهم.
وثانيها من حاربهم من اليهود والنصارى، وقد أمروا فيها بقتالهم وقبول الجزية منهم إذا سالموهم.
وثالثها المنافقون، وقد فضحوا فيها، وكشفت أسرارهم، وأمر المسلمون بمقاطعتهم والبعد عنهم. وتنقسم هذه السورة في ذلك الى قسمين: أوّلهما في الكلام على المشركين وأهل الكتاب، وثانيهما في الكلام على المنافقين وقد استطرد في أثناء ذلك إلى بعض الحوادث التي وقعت في تاريخ نزول هذه السورة، كغزوة حنين وغزوة تبوك.
وقد ذكرت هذه السورة بعد سورة الأنفال، لما سبق من أنهما يعدّان كسورة واحدة تتمّم السبع الطوال وقد ذهب كثير من الصحابة إلى أنهما سورة واحدة، وجعل هذا هو السبب في ترك التسمية في أول هذه السورة ومما يذكر في المناسبة بين السورتين، أن سورة الأنفال ذكرت فيها العهود، وسورة التوبة ذكر فيها نبذ العهود وأن سورة الأنفال، ختمت بفرض الموالاة بين المؤمنين، وقطعها بينهم وبين الكفار وقد افتتحت بهذا سورة التوبة وأن قصة سورة التوبة، تشبه قصة سورة الأنفال، لأن كلّا منهما نزل في القتال.
الكلام على المشركين وأهل الكتاب الآيات (١- ٣٧)
قال الله تعالى بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) .
فأوجب البراءة من عهود المشركين، وأباح لهم أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر، وأمر أن يؤذنوا بهذا يوم الحجّ الأكبر فإن تابوا في مدة إمهالهم فهو خير لهم، وإن أصرّوا على كفرهم فلن يعجزوا الله في دنياهم، ولهم في الاخرة عذاب أليم ثم استثنى منهم الذين كان لهم عهد ولم ينقضوه، فأمر أن يتمّ لهم عهدهم إلى مدّتهم، ثمّ أمر بقتالهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم حيث وجدوا، فإن تابوا كفّ عن قتالهم ثم أمر النبي (ص) أن يجير من استجاره منهم حتّى يسمع كلامه، وأن يبلغه بعد هذا مأمنه من دار قومه، ويكون حكمه في القتال كحكمهم ثم أنكر السياق أن يكون لأولئك المشركين عهد عند