واستدل الجمهور، بأن الله جعل الإسراء آية كبرى، وقال أَسْرى بِعَبْدِهِ والعبد مجموع الروح والجسد، ولو شاء لقال:«أسرى بروح عبده» .
ثم إن كفار مكّة أنكروا الإسراء، وارتدّ بعض ضعاف الإيمان بسبب الإسراء، ولو كان الإسراء مناما، لما أنكره كفّار مكّة، ولما ارتدّ بسببه ضعاف الإيمان، ولما تميّز أبو بكر الصديق رضي الله عنه، بتصديقه من بين سائر الناس.
وقد ركب الرسول (ص) البراق، وركوب البراق من خصائص الأجساد والإسراء في حقيقته معجزة إلهية، خاصة بالرسول الأمين ولا حرج على فضل الله، ولا حدود لقدرته، فهو سبحانه على كل شيء قدير، قال شوقي:
يتساءلون وأنت أطهر هيكل ... بالرّوح أم بالهيكل الإسراء
بهما سموت مطهّرا وكلاهما ... نور وروحانيّة وبهاء
[وعد الله لبني إسرائيل]
بدأت سورة الإسراء بالحديث عن الإسراء بالنبيّ الأمين والسورة في مجملها تتحدّث عن النبي (ص) وعن القرآن الذي نزل عليه، وموقف المشركين من هذا القرآن وفي خلال هذا الحديث، تستطرد إلى ذكر بني إسرائيل، والحديث عن ماضيهم وفسادهم في الأرض وعقوبة الله لهم، كأنّها تتوعّد كلّ مكذّب ومفسد بالعقاب العادل وفي هذا تهديد لكفار مكة، ولكلّ خارج على نطاق الإيمان وشريعة العدل، والنّظام الإلهي.
ويلاحظ أن وعيد الله لبني إسرائيل، على إفسادهم في الأرض مرّتين، لم يذكر في القرآن إلّا في صدر سورة الإسراء.