إن قيل: الرحمن أبلغ في الوصف بالرحمة من الرحيم، بالنقل عن الزّجّاج وغيره، فلم قدّمه؟ وعادة العرب من صفات المدح الترقّي من الأدنى إلى الأعلى، كقولهم: فلان عالم نحرير، لأنّ ذكر الأعلى أولا ثمّ الأدنى لا يتجدّد فيه بذكر الأدنى فائدة، بخلاف عكسه؟
قلنا: قال الجوهري وغيره: إنهما بمعنى واحد كنديم وندمان، فعلى هذا لا يرد السؤال. وعلى القول الأول إنما قدّمه، لأن لفظ الله اسم خاص بالباري تعالى لا يسمّى به غيره، لا مفردا ولا مضافا فقدّمه، والرّحيم يوصف به غيره مفردا ومضافا فأخّره، والرحمن يوصف به غيره مضافا، ولا يوصف به مفردا إلا الله تعالى، فوسّطه.
قلنا: الواو لا تدل على الترتيب، أو المراد بهذه العبادة التوحيد، وهو مقدّم على أداء العبادات.
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.