إن قيل: فالمشهور في كلام العرب أنّ الأحد يستعمل بعد النفي، والواحد يستعمل بعد الإثبات، يقال: في الدار واحد، وما في الدار أحد. وجاءني واحد وما جاءني أحد، ومنه قوله تعالى: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [البقرة:
١٦٣] ، وقوله تعالى: الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩)[يوسف] ، وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ [التوبة: ٨٤] ، لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ [البقرة: ١٣٦] ، لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ [الأحزاب: ٣٢] ، فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ [الحاقة: ٤٧] ، فكيف جاء هنا أحد في الإثبات؟
قلنا: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا فرق بين الواحد والأحد، في المعنى واختاره أبو عبيدة، ويؤيده قوله تعالى: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ [الكهف: ١٩] وقولهم أحد وعشرون وما أشبهه. وإذا كانا بمعنى واحد، لا يختصّ أحدهما بمكان دون مكان، وإن غلب استعمال أحدهما في النفي، والاخر في الإثبات، ويجوز أن يكون العدول عن الغالب هنا رعاية لمقابلة الصمد.
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.