(٩١) فذكر مقالتهم الثانية في القرآن، وهي زعمهم أنهم مأمورون ألّا يؤمنوا إلّا بما أنزل إليهم، وقد ردّ عليهم بأن القرآن أتى مصدّقا لما معهم، وبأنهم قتلوا أنبياءهم وقد أتوهم بما أنزل إليهم، وبأنّ موسى أتاهم بالتوراة فعبدوا العجل حين غاب عنهم أربعين يوما، وبأنه أخذ ميثاقهم أن يأخذوا ما أتاهم بقوة ويسمعوا له، فقالوا سمعنا وعصينا ولم ينزعوا عبادة العجل من قلوبهم، وبأنّهم لو كانوا هم المخصوصين بالآخرة حتى لا تكون رسالة في غيرهم لتمنّوا الموت استعجالا لثوابها، وهم لا يتمنّونه أبدا خوفا من سوء أعمالهم، وما يعلمه الله من كفرهم وظلمهم وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٩٦) .
الرد على مقالتهم الثالثة الآيات [٩٧- ١٠٥]
ثم قال تعالى: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) فذكر مقالتهم الثالثة، وهي طعنهم في القرآن بأنّه نزل به جبريل وهو عدوهم، لأنّه ينزل بالشدة والقتال، وميكائيل ينزل بالبشر والرخاء، فردّ عليهم بأنّ جبريل إنّما نزّله بإذنه، وهدّدهم على هذه العداوة لله وملائكته، وذكر أنّه أنزل من ذلك آيات بيّنات لا يكفر بها إلّا الفاسقون، ثمّ وبّخهم على نقض عهدهم مع النّبي (ص) بطعنهم في القرآن، وعلى أنّهم ينبذونه وراء ظهورهم وهو مصدّق لما معهم، ويتبعون ما ينسبونه زورا إلى سليمان وهاروت وماروت من كتب السحر ونحوها، فيستعملونها في الأعمال السحرية كالتفريق بين الرجل وزوجه، ويتعلّمون منها ما يضرّهم ولا ينفعهم، ولو أنّهم آمنوا بالقرآن بدل الايمان بها لكان خيرا لهم، ثم حذّر المؤمنين من مشاركتهم في بعض كفرهم، وكانوا يقولون للنّبي (ص) :
(راعنا) إذا تلا عليهم شيئا من العلم ليتمهل عليهم، فأمروا أن يقولوا بدلها:
(انظرنا) ليخالفوهم في مقالتهم، ثم حذّر المؤمنين من اتباعهم في هذا أو