إن قيل: أين جواب القسم في قوله تعالى: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) ؟
قلنا: فيه وجوه: أحدها أنه مضمر تقديره: إنهم مبعوثون بعد الموت.
الثاني: أنّه قوله تعالى: قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ [الآية ٤] واللام محذوفة لطول الكلام والتقدير: لقد علمنا كما في قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩)[الشمس] .
الثالث: أنه قوله تعالى: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ [الآية ١٨] .
فإن قيل: لم قال تعالى: وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وقد أراد به الحبّ الحصيد، فأضاف الشيء إلى نفسه والإضافة تقتضي المغايرة بين المضاف والمضاف إليه؟
قلنا: معناه وحبّ الزرع الحصيد، أو النبات الحصيد. الثاني: أن إضافة الشيء الى نفسه جائزة عند اختلاف اللفظين، كما في قوله تعالى حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥)[الواقعة] . وحَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦) ، ووَعْدَ الصِّدْقِ [الأحقاف/ ١٦] .
فإن قيل: لم قال تعالى: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (١٧) ولم يقل قعيدان، وهو وصف للملكين اللذين سبق ذكرهما بقوله تعالى: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ [الآية ١٧] ؟
قلنا: معناه عن اليمين قعيد، وعن الشمال قعيد، إلا أنه حذف أحدهما لدلالة المذكور عليه، كما قال الشاعر:
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.