الذي يتوعّد به الكافرين ليس له فيه يد، ولا يعلم له موعدا، ولا يدري:
أقريب هو أم بعيد، يجعل الله له أمدا ممتدّا، سواء عذاب الدنيا أو عذاب الاخرة، فكلّه غيب في علم الله.
[الآية ٢٦] : والله سبحانه هو المختصّ بالغيب، دون العالمين.
[الآية ٢٧] : والرسل الذين يرتضيهم الله لتبليغ دعوته، يطلعهم على جانب من غيبه، هو هذا الوحي: موضوعه وطريقته والملائكة الذين يحملونه، ومصدره، وحفظه في اللوح المحفوظ ... إلى آخر ما يتعلّق بموضوع رسالتهم، ممّا كان في ضمير الغيب، لا يعلمه أحد منهم.
وفي الوقت عينه، يحيط هؤلاء الرسل الكرام، بالأرصاد والحراس من الحفظة، للحفظ وللرقابة، يحمونه من وسوسة النفس وتمنّياتها ومن الضعف البشري في أمر الرسالة، ومن النسيان أو الانحراف، ومن سائر ما يعترض البشر من النقص والضعف.
والخلاصة: أنّه يدخل حفظة من الملائكة، يحفظون قوى الرسول الظاهرة والباطنة، من الشياطين ويعصمونه من وساوسهم.
[الآية ٢٨] : وهذه الحراسة الشديدة ليظهر الله للناس، أجمعين، أن الملائكة قد أبلغوا رسالات ربهم، غير مشوبة بتخليط من الجن أو من الجنون. وهو، سبحانه، محيط علما بجميع أحوال أولئك الوسائط، وهو، سبحانه، قد أحصى كل شيء عددا، فلا تقتصر إحاطته على ما لدى الرسل، بل يحيط بكل شيء إحصاء وعدّا، وهو أدق أنواع الإحاطة والعلم.
وبهذا الإيقاع الهائل الرهيب، تختم السورة التي بدئت بروعة الجن من سماع القرآن، وختمت بإحاطة الله الشاملة لمن يؤدون رسالته، وحمايته سبحانه لمن يبلغون دعوته وقد وسع علمه تعالى السماوات والأرض، وكل ما في الوجود.
[المقصد الإجمالي للسورة]
اشتملت سورة الجن على مقصدين:
١- حكاية أقوال صدرت عن الجن حينما سمعوا القرآن، كوصفهم له بأنه كتاب يهدي إلى الرشد، وأن الله