لأنه سبحانه أراد بالأسوة الحسنة قوله الذي حكاه عنه وعن أتباعه وأشياعه، ليقتدوا به ويتخذوه سنّة يستنّون بها واستثنى سبحانه استغفاره لأبيه، لأنه كان عن موعدة وعدها إيّاه.
فإن قيل: فإن كان استغفاره لأبيه، أو وعده لأبيه بالاستغفار مستثنى من الأسوة، فكيف عطف عليه قوله وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ [الآية ٤] وهو لا يصح استثناؤه ألا ترى إلى قوله تعالى: فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [الفتح: ١١] ؟
قلنا: المقصود بالاستثناء هو الجملة الأولى فقط، وما بعدها ذكر لأنه من تمام كلام إبراهيم صلوات الله عليه، لا بقصد الاستثناء كأنه قال: أنا أستغفر لك، وما في طاقتي إلّا الاستغفار.
فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى: وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ [الآية ١٢] ، ومعلوم أن النبي (ص) لا يأمر إلّا بمعروف، فلماذا لم يقتصر على قوله تعالى وَلا يَعْصِينَكَ؟
قلنا: الحكمة فيه سرعة تبادر الأفهام إلى قبح المعصية منهنّ لو وقعت، من غير توقّف الفهم على المقدّمة التي أوردتم في السؤال.
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.