لم يقول تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا [الآية ١٦] ، مع أن حسن ما عملوا يتقبّل عنهم أيضا؟
قلنا: أحسن بمعنى حسن، وقد سبق نظيره في سورة الروم.
فإن قيل: لم قال تعالى في وصف الفريقين وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا [الآية ١٩] مع أن أهل النار لهم دركات لا درجات؟
قلنا: الدّرجات الطبقات من المراتب مطلقا من غير اختصاص. الثاني أن فيه إضمارا تقديره: ولكل فريق درجات أو دركات مما عملوا، إلا أنه حذف اختصارا لدلالة المذكور عليه.
فان قيل: كيف طابق الجواب السؤال في قوله تعالى فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٢) قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ؟
قلنا: طابقه من حيث إن قولهم ذلك استعجال للعذاب الذي توعّدهم به، بدليل قوله تعالى بعده: بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ [الآية ٢٤] فقال لهم لا علم لي بوقت تعذيبكم، بل الله تعالى هو العالم به وحده.
فإن قيل: لم قال تعالى في وصف الريح: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها [الآية ٢٥] وكم من شيء لم تدمّره؟
قلنا: معناه تدمّر كلّ شيء مرّت به
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.