إن قيل: قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الآية ٢] إلى آخر الآيتين، يدل على أن من لم يتصف بجميع تلك الصفات، لا يكون مؤمنا، لأن كلمة «إنّما» للحصر.
قلنا: فيه إضمار تقديره: إنّما المؤمنون إيمانا كاملا، وإنّما الكاملون في الإيمان، كما يقال الرجل من تصبّر على الشدائد، يعني الرجل الكامل.
فإن قيل: قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [الآية ٤] ينفي إرادة ما ذكرتم.
قلنا: معناه أولئك هم المؤمنون إيمانا كاملا حقّا، وقيل إنّ «حقّا» متعلق بما بعده لا بما قبله، والمؤمنون تمام الكلام.
فإن قيل: كيف يقال: إن الإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان، وقد قال تعالى: وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً [الآية ٢] ؟
قلنا: المراد هنا آثار الإيمان من الطمأنينة واليقين والخشية ونحو ذلك، لأن تظاهر الأدلة على المدلول مما يزيده رسوخا في العقائد وثبوتا فأما حقيقة الإيمان فهو التصديق والإقرار بوحدانية الله تعالى، وكما أن الإلهية الوحدانية لا تقبل الزيادة والنقصان، فكذا الإقرار بها.