في قوله تعالى: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) استعارة والمراد، والله أعلم، بتفتيح أبواب السماء تسهيل سبل الأمطار حتى لا يحبسها حابس، ولا يلفتها لافت.
ومفهوم ذلك إزالة العوائق عن مجاري العيون من السماء، حتى تصير بمنزلة حبيس فتح عنه باب، أو معقول أطلق عنه عقال. وقوله تعالى: فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) أي اختلط ماء الأمطار المنهمرة، بماء العيون المتفجرة، فالتقى ماءاهما على ما قدره الله سبحانه، من غير زيادة ولا نقصان.
وهذا من أفصح الكلام، وأوقع العبارات عن هذه الحال.
وفي قوله سبحانه: أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) ولفظ إلقاء الذّكر مستعار: والمراد به أن القرآن لعظم شأنه، وصعوبة أدائه، كالعبء الثقيل الذي يشقّ على من حمله، وألقي عليه ثقله.
وكذلك قال تعالى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)[المزمّل] . وكذلك قول القائل:«ألقيت على فلان سؤالا، وألقيت عليه حسابا» أي سألته عمّا يستكدّ له هاجسه، ويستعمل به خاطره.
وفي قوله سبحانه: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (٤٦)
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي، تحقيق محمد عبد الغني حسن، دار مكتبة الحياة، بيروت، غير مؤرّخ.