فذكر سبحانه أنه يجب له الحمد في الدنيا على ما أنعم به علينا في السماوات والأرض، وأنّ حمدنا له في الدنيا نجازي عليه في الاخرة، فيكون له الحمد علينا فيها أيضا. وأخبر بأنّه حكيم خبير عالم رحيم غفور، فلا يصحّ أن يكون خلقه لنا عبثا من غير حكمة. ثم ذكر اعتراضهم الأوّل على يوم القيامة: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ [الآية ٣] ، ورد عليهم بتأكيد إتيانها، ليثيب الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات، ويعذّب الّذين سعوا في آياته معاجزين: وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦) .
الاعتراض الثاني على يوم القيامة الآيات [٧- ٢٨]
ثمّ قال تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (٧) ، فذكر استبعادهم لإعادتهم بعد أن يموتوا ويمزّقوا كلّ ممزّق، وأجاب عن ذلك بأنه لا وجه لاستبعادهم ذلك وهم يرون من كمال قدرته ما يرون فيما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض، وهو الّذي سخّر الجبال والطير لداود، وسخّر الريح وأسال عين القطر لسليمان، وأرسل سيل العرم على أهل سبأ، فأهلكهم وخرّب ديارهم ثم ذكر عجز آلهتهم ليوازنوا بين هذا العجز وبين كمال قدرته سبحانه وأمر نبيّه بعد هذا، أن يتلطّف في جدالهم بعد ظهور الحقّ لهم، فيذكر لهم أنّه وإيّاهم إمّا على الهدى وإمّا على الضّلال، وأنّهم لا يسألون عن عمله كما لا يسأل عن عملهم، وأنّه لا بدّ من يوم يفصل فيه بينهم، ثمّ ختم ذلك بإثبات صدقه فيما يدعوهم إليه من الإيمان بيوم القيامة وغيره: