إن قيل: لم قال تعالى: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ [الآية ٩] .
والإيمان ليس مكانا يتبوأ، لأن معنى التّبوّء اتخاذ المكان منزلا؟
قلنا: فيه إضمار تقديره: وأخلصوا الإيمان، كقول الشاعر:
علفتها تبنا وماء باردا
أي وسقيتها ماء باردا. ثانيا: أنه على ظاهره بغير إضمار ولكنه مجاز، فمعناه أنهم جعلوا الإيمان مستقرّا وموطنا، لتمكّنهم منه واستقامتهم عليه، كما جعلوا دار الهجرة كذلك، وهي المدينة.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ [الآية ١٢] بعد الإخبار بأنهم لا ينصرونهم، وحرف الشرط إنّما يدخل على ما يحتمل وجوده وعدمه.
٢٢] والله تعالى، كما يعلم ما يكون قبل كونه، فهو يعلم ما لا يكون، أن لو كان كيف يكون.
فإن قيل: ما معنى قوله تعالى للمؤمنين: لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ [الآية ١٣] ، أي في صدور المنافقين أو اليهود، على اختلاف القولين، وظاهره: لأنتم أشدّ خوفا من الله، فإن كان «من» متعلّقا
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.