للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضع، الذي يكون للمجازاة، فلا تستغني حتّى ترد «إمّا» مرتين، نحو قوله تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (٣) [الإنسان] ونحو قوله حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ [مريم: ٧٥] وإنّما نصب، لأنّ «إمّا» هي بمنزلة «أو» ، ولا تعمل شيئا، كأنّه قال «هديناه السبيل شاكرا أو كفورا» ، فنصبه على الحال و «حتّى رأوا ما يوعدون العذاب أو الساعة» ، فنصبه على البدل.

وقد يجوز الرفع بعد «إمّا» ، في كلّ شيء يجوز فيه الابتداء، ولو قلت:

«مررت برجل إمّا قاعد وإمّا قائم» جاز، وهذا الذي في القرآن، جائز أيضا، ويكون رفعا، إلا أنّه لم يقرأ.

وأمّا التي تستغني عن التثنية، فتلك تكون مفتوحة الألف أبدا نحو قولك «أمّا عبد الله فمنطلق» ، وقوله تعالى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠) [الضحى] ووَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ [فصّلت: ١٧] فكلّ ما لم يحتج فيه الى تثنية «أمّا» ، فألفها مفتوحة، إلّا تلك التي في المجازاة.

و «أمّا» أيضا لا تعمل شيئا، ألا ترى أنّك تقرأ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠) فتنصبه ب «تنهر» ، ولم تغيّر «أمّا» شيئا منه.

[باب الاضافة]

أمّا في قوله تعالى فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ [الآية ٣٨] فانفتحت هذه الياء على كل حال، لأنّ الحرف الذي قبلها ساكن. وهي الألف التي في «هدى» . فلمّا احتجت الى حركة الياء، حرّكتها بالفتحة، لأنّها لا تحرّك إلّا بالفتح. ومثل ذلك قوله جل شأنه عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها [طه: ١٨] ولغة للعرب يقولون «عصيّ يا فتى» «١» ، و (هديّ فلا خوف عليهم) «٢» لما كان


(١) . هي لغة هذيل الكشاف ١: ١٣٠، و ٣: ٥٧، والجامع ١: ٣٢٨، والبحر ١: ١٦٩، واللهجات العربية ١٥٣ و ٤٢٥.
(٢) . في المحتسب ١: ٧٦ إلى النبي (ص) وأبي الطفيل وعبد الله بن أبي إسحاق وعاصم الجحدري وعيسى بن عمر الثقفي، وفي البحر ١: ١٦٩ اقتصر على عبد الله بن أبي إسحاق وعاصم وعيسى بن أبي عمر (كذا) ، وفي الجامع ١: ٣٢٨ اقتصر على الجحدري، وفي الكشّاف ١: ١٣٠، والكشف ١: ١٨٤، بلا نسبة، وفي البيان ١: ٧٦ إلى النبي (ص) ، والإملاء ١: ٣٢ بلا نسبة.