للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «النجم» «١»

أقول: وجه وضعها بعد «الطور» :

أنها شديدة المناسبة لها، فإن «الطور» ختمت بقوله تعالى: وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٩) . وافتتحت هذه بقوله سبحانه: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) .

ووجه آخر: أن «الطور» ذكر فيها ذرية المؤمنين، وأنهم تبع لآبائهم «٢» ، وهذه فيها ذكر ذرية اليهود «٣» في قوله تعالى: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [الآية ٣٢] .

ولما قال هناك في المؤمنين: أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ [الطور: ٢١] . أي: ما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين، مع نفعهم بما عمل آباؤهم. قال هنا في صفة الكفّار أو بني الكفّار: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (٣٩) خلاف ما ذكر في المؤمنين الصّغار.

وهذا وجه بيّن بديع في المناسبة، من وادي التضاد.


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م. [.....]
(٢) . وذلك في قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الطور: ٢١] .
(٣) . بل فيها ذكر لذرية كل كافر حين استخرج الله ذرية آدم من صلبه وقسمهم فريقين: فريقا للجنة، وفريقا للسعير.
انظر (تفسير ابن كثير: ٧: ٤٣٧) .