إن قيل: لم قال تعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ [الآية ٣] مع أن التوبة مقدّمة على الاستغفار؟
قلنا: المراد: استغفروا ربكم من الشرك، ثم ارجعوا إليه بالطاعة. كذا قاله مقاتل. وهذا الاستغفار مقدم على هذه التوبة. الثاني: أنّ فيه تقديما وتأخيرا. الثالث قال الفرّاء: ثمّ هنا بمعنى الواو، وهي لا تفيد ترتيبا، فاندفع السؤال.
فإن قيل: من لم يستغفر ولم يتب، فإنّ الله يمتّعه متاعا حسنا الى أجله:
أي يرزقه ويوسع عليه كما قال ابن عباس، أو يعمّره كما قال ابن قتيبة، فما الحكمة في قوله تعالى وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى؟
قلنا: قال غيرهما: المتاع الحسن، المشروط بالاستغفار والتوبة، هو الحياة في الطاعة والقناعة، ومثل هذه الحياة إنما تكون للمستغفر التائب التقي.
فإن قيل: قوله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ [الآية ٦] لم لم يقل على الأرض مع أنه أشدّ مناسبة لتفسير الدابة لغة، فإنها ما يدب على وجه الأرض؟
قلنا:«في» هنا بمعنى «على» ، كما في قوله تعالى: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه/ ٧١] ، وقوله تعالى أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ [الطور/ ٣٨] . الثاني:
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.