التصور الإسلامي من كل شائبة، ولتقرير حقيقة التوحيد جليّة ناصعة، والرد على الشبهات التي يلقيها أهل الكتاب، سواء منها ما هو ناشئ من انحراف في معتقداتهم، وما يتعمدون إلقاءه في الصف المسلم من شبهات ماكرة لخلخلة الصف من وراء خلخلة العقيدة.
وتذكر عدة روايات أن الآيات [١- ٨٣] نزلت في الحوار مع وفد نصارى نجران من اليمن، الذي قدم المدينة في السنة التاسعة للهجرة. ونحن نستبعد أن تكون السنة التاسعة زمن نزول هذه الآيات، فواضح، من طبيعتها وجوّها، أنها نزلت في الفترة الأولى من الهجرة حيث كانت الجماعة المسلمة بعد ناشئة، وكان لدسائس اليهود وغيرهم أثر شديد في كيانها وسلوكها. وسواء أصحّت رواية أن الآيات نزلت في وفد نصارى نجران، أم لم تصح، فإنه واضح، من الموضوع الذي تعالجه، أنها تواجه شبهات النصارى وخاصة ما يتعلق منها بعيسى (ع) ، وتدور حول عقيدة التوحيد الخالص كما جاء بها الإسلام، وتصحّح لهم ما أصاب عقائدهم من انحراف وخلط وتشويه، وتدعوهم إلى الحق الواحد الذي تضمنته كتبهم الصحيحة التي جاء القرآن يصدّقها.
ومن مراجعة نصوص السورة يتبين المسلم أن هذا القرآن هو كتاب الحياة صحّح أوضاعها للمسلمين وصحح العقيدة، وناقش عقائد الآخرين، وحذّر المسلمين من كيد الأعداء ودسائسهم، وهذا القرآن مأدبة الله معروض للمسلمين، مفتوح للقارئين، دليل للحيارى ورحمة للضّالّين، وهداية للمسترشدين. إنه النور المبين، والركن الركين، والصراط المستقيم. من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، لم تسمعه الجن حتى قالت: