يجول في جنبات الأرض، وأطوار التاريخ مع قصص الماضين.
والقصص هنا مفصّل بعض الشيء، لأنه يتضمن الجدل حول حقائق العقيدة التي وردت في مطلع السورة. والتي يجيء كل رسول لتقريرها، وكأنما المكذّبون هم المكذبون وكأنما طبيعتهم واحدة، وعقليّتهم واحدة على مدار التاريخ. ويتّبع القصص، في هذه السورة، خط سير التاريخ، فيبدأ بنوح، ثم هود، ثم صالح، ويلم بإبراهيم في الطريق إلى لوط ثم شعيب ثم إشارة الى موسى ويشير الى الخط التاريخي، لأنه يذكّر التالين بمصير السالفين.
وليس من قصدنا أن نذكر قصص هؤلاء الأنبياء الكرام، فذلك ما لا يتّسع له المجال، ولكن واجبنا نحو سورة هود، يحتّم علينا أن نذكر لمحات من سيرة هؤلاء الرسل.
[قصة نوح (ع)]
لقد ألمحت سورة يونس إلى قصة نوح فذكرت الحلقة الاخيرة منها، وهي غرق الكافرين ونجاة المؤمنين.
ولكن سورة هود تعرضت لقصة نوح بمزيد من التفصيل خلال أربع وعشرين آية: من الآية ٢٥ الى الآية ٤٩.
تناولت دعوة نوح الى الله، وجداله مع قومه وصنعه السفينة، وتعرّضه لسخرية قومه، ثم فوران التنور، واكتساح الطوفان، وركوب السفينة تسير بأمر الله وقدرته:
بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها [الآية ٤١] .
ثم تهدأ العاصفة، وتبلع الأرض ماءها، وتمسك السماء عن المطر، وتعود الحياة سيرتها، فيناجي نوح (ع) ربّه بعد غرق ولده، قائلا:
والمعنى: إنه عمل عملا غير صالح، فهو من صلب نوح وذريّته، إلا أنه منقطع الصلة به في نسب الإيمان، وصلة العمل الصالح. وهنا يتنبه نوح الى حقيقة العدل الإلهي، ويرى أن عقاب الله عامّ لكل الكافرين، وأن نعيمه عام لجميع المؤمنين، فليس بين