على المنافقين، الذين يحادّون الله ورسوله، لتحذيرهم من مخالفة ما جاء في الظّهار وغيره من الأحكام، ولتوبيخهم على ما يتناجون به فيما بينهم، من الإثم والعدوان، ومعصية النبي (ص) وبهذا تشارك هذه السورة سورة «الحديد» ، في معالجتها أحوال أولئك المنافقين، ويكون ذكرها بعدها لهذه المناسبة.
بيان حكم الظهار الآيات [١- ٢٢]
قال الله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١) ، فذكر أحكام الظّهار وختمها، بقوله تعالى: ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤) ثم أوعد، جلّ وعلا، الذين يحادّون في هذا ونحوه من المنافقين، بأنّه سبحانه سيخذلهم كما خذل أمثالهم من قبلهم، ولهم بعد هذا عذاب مهين، يوم يبعثهم فينبّئهم بما يكيدون به للإسلام في سرّهم، لأنه يعلم ما في السماوات والأرض، ولا يخفى عليه شيء مما يتناجى به الناس فيما بينهم.
ثم ذكر عزّ وجلّ أنه نبأهم عمّا يفعلونه في نجواهم، فعادوا إليها، وتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية النبي (ص) ، فأعاد نهيهم عن هذه النّجوى الآثمة، وأمرهم أن يتناجوا بالبرّ والتقوى، وأن يتأدّبوا في مجالسهم مع النبي (ص) فإذا قيل لهم تفسّحوا فيها فسحوا، وإذا قيل لهم انشزوا منها نشزوا ثمّ أمرهم سبحانه، إذا أرادوا مناجاة النبي (ص) بشيء، أن يقدّموا بين يدي نجواه صدقة تطهّر قلوبهم، فلا يناجونه إلّا بما فيه خير ومصلحة لهم، فإذا لم يجدوا ما يتصدّقون به لفقرهم، فإنه سبحانه يعفو عنهم، وإذا أشفقوا أن يتصدّقوا حرصا على مالهم وتاب عليهم فلم يكلّفهم بذلك، فليحافظوا على ما وجب عليهم من الصلاة والزكاة ونحوهما، ولا يفرّطوا فيها كما فرّطوا في تلك الصدقة ثم وبّخ أولئك المنافقين على موالاتهم لليهود الذين يؤلّبونهم على إخوانهم، وهم أجانب لا يريدون بهم خيرا وذكر أنهم يوالونهم في السّر ويحلفون كذبا أنهم لا يوالونهم، وأوعدهم على ذلك بما أوعدهم به إلى أن ختم السورة