ومثل ذلك قوله تعالى: في السورة التي يذكر فيها القيامة: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣)[القيامة] . والدليل على ما قلنا إضافته سبحانه النظر إليها، والنّظر إنما يصح من أربابها لا منها:
لأنه تعالى قال عقب ذلك: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥)[القيامة] وكذلك قوله تعالى هاهنا:
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩) ، والرّضا والسّخط إنما يوصف به أصحاب الوجوه. فانكشف الكلام على الغرض المقصود.
وقوله تعالى: فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (١٠) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (١١) استعارة. وقد مضت لها نظائر كثيرة جدّا فيما تقدّم من كلامنا. أي لا تسمع فيها كلمة ذات لغو. فلمّا كان صاحب تلك الكلمة يسمّى لاغيا بقولها، سمّيت هي لاغية، على المبالغة في وصف اللّغو الذي فيها.
وقال بعضهم: معنى ذلك: لا يسمع فيها نفس حالفة على كذب، ولا ناطقة برفث. لأنّ الجنة لا لغو فيها ولا رفث، ولا فحش ولا كذب.
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي، تحقيق محمد عبد الغني حسن، دار مكتبة الحياة، بيروت، غير مؤرّخ.