جعلت سفائن البر أعطيت الصبر على احتمال العطش عشرة أيام فصاعدا، وجعلت ترعى كلّ نبات في البراري والمفاوز ممّا لا يرعاه سائر البهائم، وإنّما لم يذكر الفيل والزّرافة وغيرهما ممّا هو أعظم من الجمل لأن العرب لم يروا شيئا من ذلك ولا كانوا يعرفونه، ولأنّ الإبل كانت أنفس أموالهم وأكثرها لا تفارقهم ولا يفارقونها وإنما جمع بينها وبين ما بعدها لأن نظر العرب قد انتظم هذه الأشياء في أوديتهم وبواديهم، فانتظمها الذكر على حسب ما انتظمها نظرهم وكثرة ملابستهم ومخالفتهم ومن فسّر الإبل بالسحاب والماء، قصد بذلك طلب المناسبة بطريق تشبيه الإبل بالسحاب في السير وفي النّشط أيضا في بعض الأوقات، لا أنه أراد أن المراد من الإبل السحاب حقيقة وقد جاء في أشعار العرب تشبيه السحاب بالإبل كثيرا، وقد شبّهه ابن دريد أيضا بالسحاب في قصيدته. وقرأ أبيّ بن كعب وعائشة رضي الله عنهما الإبل بتشديد اللام. قال أبو عمرو وهو اسم للسحاب الذي يحمل الماء، والله أعلم.