إن قيل: لم قال الله تعالى بِعَبْدِهِ [الآية ١] ولم يقل «بنبيّه» ، أو «برسوله» ، أو «بحبيبه» ، أو «بصفيّه» ، ونحو ذلك مع أن المقصود من ذلك الإسراء، تعظيمه وتبجيله؟
قلنا: إنّما سمّاه عبدا في أرفع مقاماته، وأجلّها، وهو هذا وقوله تعالى: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى
(١٠)[النجم] كي لا تغلط فيه أمّته، وتضل به كما ضلّت أمة المسيح (ع) به، فدعته إلها. وقيل كي لا يتطرّق إليه العجب والكبر.
فإن قيل: الإسراء لا يكون إلّا بالليل، فما فائدة ذكر الليل؟
قلنا: فائدته أنه ذكر منكّرا ليدل على قصر الزمان الذي كان فيه الإسراء والرجوع، مع أنه كان من مكّة إلى بيت المقدس مسيرة أربعين ليلة، وذلك لأن التنكير يدل على البعضية، ويؤيده قراءة عبد الله وحذيفة، «الليل» : أي بعض الليل كقوله تعالى وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً [الآية ٧٩] فإنه أمر بالقيام في بعضه.
فإن قيل: أي حكمة في نقله (ص) ، من مكّة إلى بيت المقدس، ثم العروج به من بيت المقدس إلى السماء ولم لم يعرج به من مكة إلى السماء دفعة واحدة؟
قلنا لأن بيت المقدس محشر الخلائق، فأراد الله تعالى أن يطأها الرسول (ص) ، ليسهل على أمته يوم
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.