للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السادس المعاني المجازية في سورة «الناس» «١»

في قوله تعالى: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) استعارة، والمراد بالوسواس هنا، الكلام الخفيّ الذي يلقيه الشيطان أو الإنسان الشبيه به، في أقصى أذن السّامع، فيلفته عن رشاد، ويصرفه الى ضلال، والوسوسة كالهمهمة، قال رؤبة:

وسوس يدعو مخلصا ربّ الفلق «٢» .

والخّناس هنا، صفة للوسواس، والمراد به الذي يخنس في القلب، ويسكن في الصدر، أي يستتر ويستجنّ، يقال خنس فلان عن أصحابه، يخنس خناسا وخنوسا إذا تغيّب عنهم، وقد قيل إن الوسواس هنا اسم للشيطان نفسه، فيجوز أن يكون إنّما سمّي بفعله، لكثرة وقوعه منه، وشيوعه عنه، وقيل: الوسواس بالفتح الشيطان، والوسواس بالكسر المصدر.

وجاء في الخبر أن الشيطان يوسوس في العبد، فإذا ذكر العبد ربّه خنس، وقبع، وانقبض، وقيل أيضا إن المراد من شرّ ذي الوسواس، وهو الشيطان، أو الإنسان، فحذف «ذي» لدلالة الكلام عليه، وإشارته إليه.


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي، تحقيق محمد عبد الغني حسن، دار مكتبة الحياة، بيروت، غير مؤرّخ.
(٢) . جاء الشطر الثاني لهذا الرجز غير واضح، فاثرنا حذفه من هنا، لأنه غير موضع استشهاد.