للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشاهد القيامة، وفيها نعيم المتقين، وعقاب المشركين.

ومن السنّة قراءة سورة الدخان ليلة الجمعة لتثبيت الإيمان وتقوية اليقين بقدرة الله رب العالمين. قال رسول الله (ص) : «من قرأ حم التي يذكر فيها الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له» «١» .

[سياق السورة]

سورة الدخان سريعة الإيقاع، قصيرة الفواصل، لها سمات السور المكية، إذ تشتمل على صور عنيفة متقاربة، ونذر متكررة، تشبه المطارق التي تقع على أوتار القلب البشري. «ويكاد سياق السورة أن يكون كله وحدة متماسكة، ذات محور واحد، تشد إليه خيوطها جميعا، سواء في ذلك القصة، ومشهد القيامة، ومصارع الغابرين، والمشهد الكوني، والحديث المباشر عن قضية التوحيد والبعث والرسالة، فكلها وسائل ومؤثرات لإيقاظ القلب البشري، واستجاشته لاستقبال حقيقة الإيمان حية نابضة، كما يبثها هذا القرآن في القلوب» «٢» .

تبدأ السورة بهذه الآيات القصيرة المتلاحقة، المتعلقة بالكتاب والإنذار والرسالة والهداية:

حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) .

ثم تعريف للناس بربهم: رب السماوات والأرض وما بينهما، وإثبات الوحدانية لله المحيي المميت، ربّ الأولين والآخرين.

ثم أعرض السياق عن هذا الحديث ليتناول شأن القوم:

بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩) .

ويعاجلهم بالتهديد المرعب جزاء الشك واللعب:

فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (١١) .

ثم ذكر ما يكون من دعائهم لله أن يكشف عنهم العذاب، وإعلانهم


(١) . في حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي ١٤٨ «هذا الحديث أخرجه الترمذي، وليس موضوعا» .
(٢) . في ظلال القرآن، بقلم سيد قطب ٢٤/ ١٠٥.