إن قيل: أين جواب كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) ؟
قلنا: هو محذوف تقديره: لو تعلمون الأمر يقينا لشغلكم عن التكاثر والتفاخر، ثم ابتدأ السياق بوعيد آخر، فقال سبحانه لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) .
فإن قيل: كلّ أحد لا يخلو عن نيل نعيم في الدنيا، ولو مرّة واحدة، فما النعيم الذي يسأل عنه العبد؟
قلنا: فيه سبعة أقوال: أحدها أنه الأمن والصّحة. الثاني: أنّه الماء البارد. الثالث: أنّه خبز البر والماء العذب. الرابع: أنّه مأكول ومشروب لذيذان. الخامس: أنه الصحة والفراغ.
السادس: أنه كل لذة من لذات الدنيا.
السابع: أنه دوام الغداء والعشاء. وقيل إن السؤال خاصّ بالكفّار، والصحيح أنه عامّ في كلّ إنسان وفي كل نعيم، فالكافر يسأل توبيخا والمؤمن يسأل عن شكرها، ويؤيّد هذا ما جاء في الحديث أنه (ص) قال: «يقول الله تعالى: ثلاث لا أسأل عبدي عن شكرهنّ، وأسأله عمّا سوى ذلك: بيت يكنّه، وما يقيم به صلبه من الطعام، وما يواري به عورته من اللّباس» .
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.