للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسّورة تتولّى جانبا من إعادة تنظيم الجماعة المسلمة، وإبراز تلك الملامح، وتثبيتها في حياة الأسرة والجماعة، وبيان أصولها من العقيدة والتشريع. كما تتولّى تعديل الأوضاع والتقاليد، أو إبطالها وإخضاعها في هذا كلّه للتصوّر الإسلامي الجديد. وفي ثنايا الحديث عن تلك الأوضاع والنظم، يرد الحديث عن غزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة، ومواقف الكفار والمنافقين واليهود فيهما، ودسائسهم في وسط الجماعة المسلمة، وما وقع من خلخلة وأذى بسبب هذه الدسائس وتلك المواقف كما تعرض، بعدها، دسائسهم وكيدهم للمسلمين في أخلاقهم وبيوتهم ونسائهم.

ونقطة الاتصال في سياق السورة بين تلك الأوضاع والنظم وهاتين الغزوتين وما وقع فيهما من أحداث، هي علاقة هذه وتلك بموقف الكافرين والمنافقين واليهود، وسعي هذه الفئات لإيقاع الاضطراب في صفوف الجماعة المسلمة سواء من طريق الهجوم الحربي، والإرجاف في الصفوف والدعوة إلى الهزيمة، أو من طريق خلخلة الأوضاع الاجتماعية والآداب الخلقيّة ... ثم ما نشأ في أعقاب الغزوات والغنائم من آثار في حياة الجماعة المسلمة، تقتضي تعديل بعض الأوضاع الاجتماعية ومن هذا الجانب وذاك تبدو وحدة السورة، وتماسك سياقها، وتناسق موضوعاتها المنوّعة إلى جانب وحدة الزمن تربط بين الأحداث والتنظيمات الّتي تتناولها السورة.

[فصول السورة]

يمكن أن نقسم سورة الأحزاب إلى خمسة فصول، يبدأ الفصل الأول منها بتوجيه الرسول (ص) إلى تقوى الله، وعدم الطاعة للكافرين والمنافقين، واتّباع ما يوحي إليه ربّه، والتوكّل عليه وحده سبحانه.

وبعد ذلك يلقي بكلمة الحق والفصل في بعض التقاليد والأوضاع الاجتماعية مبتدئا ببيان أن الإنسان لا يملك إلّا قلبا واحدا، ومن ثمّ يجب أن يتّجه إلى إله واحد، وأن يتّبع نهجا واحدا. ولذلك يأخذ في إبطال عادة الظّهار، وهو أن يحلف الرجل على