يدعوهم إلى التوحيد، وساقت السورة شبهات الكافرين حول قضية الوحي.
فقد استكثروا أن يختار الله سبحانه رجلا منهم لينزل عليه الذكر من بينهم، وأن هذا الرجل هو محمد بن عبد الله الّذي لم تسبق له رئاسة فيهم، ولا إمارة فقالوا كما ورد في التنزيل:
وبيّنت السورة لهم، أنّ رحمة الله لا يمسكها شيء، إذا أراد أن يفتحها على من يشاء، وأنه ليس للبشر شيء من ملك السماوات والأرض، وإنّما يفتح الله رزقه ورحمته على من يشاء، وأنه يختار من عباده من يعلم استحقاقهم للخير، وينعم عليهم بشتى الإنعامات، بلا قيد ولا حدّ ولا حساب. في هذا السياق جاء تسخير الجبال والطير، وتسخير الجن والريح، فوق الملك وخزائن الأرض والسلطان والمتاع، وجاء مع القصّتين توجيه النبي (ص) إلى الصبر على ما يلقاه من المكذّبين:
كذلك جاءت قصة أيوب (ع) تصور ابتلاء الله سبحانه للمخلصين من عباده بالضّرّاء، وصبر أيوب (ع) مثل في الصبر رفيع وتصور السورة حسن العاقبة للصابرين.
ونلاحظ أن السياق، في سورة ص، يربط بين أربعة موضوعات رئيسة: هي شبهات الكافرين، وقصص الأنبياء، والمقابلة بين نعيم المتقين وعذاب الكافرين، ثم قصة خلق آدم (ع) وسجود الملائكة له وإباء إبليس.
١- شبهات الكافرين
تشتمل الآيات [١- ١٦] على شبهات الكافرين حول بشريّة الرسول، واختصاصه بالوحي، وإنكار توحيد الالهة في إله واحد، والرد على هذه المفتريات، وبيان جزاء المكذّبين، من قوم نوح وعاد وفرعون وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة.