إن قيل: لم قال تعالى أولا: إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤) وقال سبحانه ثانيا:
إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) ؟
قلنا: لأن الأوّل ابتداء إخبار، فلم يحتج إلى التّأكيد باللّام، بخلاف الثاني فإنّه جواب بعد الإنكار والتّكذيب، فاحتاج إلى التّأكيد.
فإن قيل: لم أضاف الرجل الّذي جاء من أقصى المدينة الفطر إلى نفسه، بقوله كما ورد في التنزيل: فَطَرَنِي [الآية ٢٢] وأضاف البعث إليهم بقوله، كما ذكر القرآن ذلك وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [الآية ٢٢] ، مع علمه أنّ الله تعالى فطره وفطرهم، وسوف يبعثه ويبعثهم، فلم لم يقل فطرنا وإليه نرجع، أو فطركم وإليه ترجعون؟
قلنا: لأنّ الخلق والإيجاد نعمة من الله تعالى توجب الشّكر والبعث بعد الموت وعيد وتهديد يوجب الزّجر، فكان إضافته النعمة إلى نفسه أظهر في الشّكر، وإضافته البعث إليهم أبلغ في الزّجر.
فإن قيل: لم قال تعالى: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ [الآية ٣٠] والتحسّر على الله تعالى محال؟
قلنا: هو تحسير للخلق، معناه قولوا يا حسرتنا على أنفسنا، لا تحسّرا من الله تعالى.
فإن قيل: لم نفى الله سبحانه وتعالى عن الشمس أن تدرك القمر دون عكسه وهو: ولا القمر ينبغي له أن يدرك الشمس؟
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.