أقول: لما أشار سبحانه في سورة الأعلى بقوله تعالى: سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) إلى قوله: وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٧) ، إلى المؤمن والكافر، والنار والجنة إجمالا، فصّل ذلك في هذه السّورة، فبسط صفة النار والجنة مستندة إلى أهل كلّ منهما، على نمط ما هنالك، ولذا قال هنا: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) ، في مقابل: َْشْقَى
(١١) هناك وقال هنا: تَصْلى ناراً حامِيَةً (٤) إلى: لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) ، في مقابل: يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) هناك. ولما قال هناك في الآخرة:
خَيْرٌ وَأَبْقى (١٧) وبسط هنا صفة الجنة أكثر مما بسط صفة النار، تحقيقا لمعنى الخيرية.
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ/ ١٩٧٨ م. [.....]