سورة النصر تحمل بين طياتها إتمام الرسالة، وأداء الأمانة، والاستعداد للّحاق بالرفيق الأعلى.
قال البيضاوي: تسمى سورة التوديع.
ويقال إن عمر لمّا سمعها بكى، وقال: الكمال دليل الزوال.
وروي أن العبّاس بكى لمّا قرأها رسول الله (ص) ، فقال عليه الصلاة والسلام ما يبكيك؟ قال نعيت إليك نفسك، فقال النبي (ص) : إنّها لكما تقول، وإنّما ذلك لأنّ فيها تمام الأمر، كما في قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة: ٣] .
وجاء في رواية للبخاري: أن عمر رضي الله عنه سأل أشياخ بدر فقال: ما تقولون في قول الله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) ، حتى ختم السورة، فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره، إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا فقال:
أكذلك تقول يا ابن عبّاس؟ قلت: لا، فقال: ما تقول؟ فقلت هو أجل رسول الله (ص) أعلمه له. قال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) فذلك علامة أجلك فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (٣) فقال عمر بن الخطاب: لا أعلم منها إلّا ما تقول.
وفي رواية الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله (ص) يكثر في آخر أمره من قوله «سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب اليه» .
[المبحث الأول مقصود السورة]
١- عند الفتح الأكبر، ودخول الناس في دين الإسلام، ينبغي شكر الله والاستغفار من كل تقصير، فإنّ باب الله مفتوح وهو صاحب الطّول، ويقبل التوبة من جميع التائبين.
٢- وفي السورة، إيذان بأداء النبي (ص) للرسالة العظمى، وانتهاء المهمّة الكبرى، وتوجيه له أن يستعد للموت بالاستغفار والتوبة وشكر الله والتسبيح بحمده.