لم قال تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) ويفسّره ما بعده، والإنسان في حال خلقه ما كان موصوفا بهذه الصفات؟
قلنا:«هلوعا» حال مقدّرة. فالمعنى مقدرا فيه الهلع كما في قوله تعالى:
مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ [الفتح: ٢٧] وهم ليسوا محلّقين حال الدخول.
فإن قيل: لم قال تعالى: الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣) ، ثم قال تعالى في موضع آخر من القرآن الكريم:
وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩)[المؤمنون] فهل بينهما فرق؟
قلنا: المراد بالدوام المواظبة والملازمة أبدا. وقيل: المراد به سكونهم فيها بحيث لا يلتفتون يمينا ولا شمالا واختاره الزجّاج وقال:
اشتقاقه من الدائم بمعنى الساكن، كما جاء في الحديث «أنه (ص) نهى عن البول في الماء الدائم» قلت: وقوله تعالى عَلى ينفي هذا المعنى فإنه لا يقال: هو على صلاته ساكن، بل يقال: هو في صلاته ساكن. والمراد بالمحافظة عليها أداؤها على أكمل وجوهها، جامعة لجملة سننها وآدابها، فالدوام يرجع إلى الصلاة نفسها والمحافظة على أحوالها.
(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.