عنيت سورة النساء وغيرها بشأن المال، من طريق المحافظة عليه وتثميره، ونهت عن الإسراف والتبذير، وأمرت بالتوسط في النفقة والاعتدال فيها، لأن المال عصب الحياة، ولأن كل ما تتوقف عليه الحياة في أصلها وكمالها وسعادتها وعزّها، من علم وصحة وقوة واتساع عمران، لا سبيل للحصول عليه إلا بالمال. وقد نظر القرآن إلى الأموال هذه النظرة الواقعية فحذّر من تركها في أيدي السفهاء الذين لا يحافظون عليها ولا يحسنون التصرف بها. كما أمر بتحصيلها من طرق فيها الخير للناس، وفيها النشاط والحركة، وفيها عمارة الكون. لقد أمر بتحصيلها من طريق التجارة ومن طريق الصناعة والزراعة، وسمّى طلبها ابتغاء من فضل الله، كما وصفها نفسها بأنها زينة الحياة الدنيا ومتاعها. وبلغ من عناية القرآن بالأموال أنه طلب السعي في تحصيلها بمجرد الفراغ من أداء العبادة المفروضة. قال تعالى:
وتحدثت سورة النساء عن المواريث ونصيب كل وارث، فأمرت أن نبدأ أولا بتنفيذ وصية الميت وتسديد ديونه، ثم وضعت المبادئ الأساسية للميراث ونستخلص منها ما يأتي:
أولا- إن مبنى التوريث في الإسلام أمران: نسبي وهو القرابة، وسببي وهو الزوجية.
ثانيا- إنه، متى اجتمع في المستحقين ذكور وأناث، أخذ الذكر ضعف ما تأخذه الأنثى.
ويجدر بنا هنا أن نشير إلى أن بعض خصوم الإسلام قد اتخذوا التفاوت، بين نصيبي الذكر والأنثى، مطعنا على الإسلام، وقالوا إن هذا من فروع هضم الإسلام لحق المرأة، والمرأة إنسان كالرجل، وفاتهم أن الذّكر تتعدد مطالبه وتكثر تبعاته في الحياة: فهو ينفق على نفسه، وعلى زوجه، وعلى أبنائه.
ومن أصول الشريعة أنه يدفع المهر لمن يريد أن يتزوّج بها. أما الأنثى، فإنها لا تدفع مهرا ويلزم زوجها بنفقتها في مأكلها ومشربها ومسكنها وخدمها، وذلك فوق تبعاته العائلية التي لا يلحق الأنثى مثلها. وبينما نرى بعض التشريعات الوضعية تقضي بحرمان