الشركاء لا يرزقون ولا يميتون ولا يحيون. ويربط بين ظهور الفساد في البرّ والبحر وعمل النّاس وكسبهم، ويوجّههم إلى السّير في الأرض، والنّظر في عواقب الناس المشركين من قبل، ومن ثمّ يذكر السياق توجيهه تعالى رسوله (ص) إلى الاستقامة على دين الفطرة من قبل أن يأتي اليوم الذي يجزى فيه كلّ بما كسبت يداه، ويعود بهم بعد ذلك إلى آيات الله في مشاهد الكون، كما عاد بهم في الفصل الأول. ويعقب على ذلك بأن الهدى هدى الله، وأن الرسول (ص) لا يملك إلا البلاغ فهو لا يهدي العمي ولا يسمع الصم، ثم يطوف بهم في جولة جديدة في ذات أنفسهم ويذكّرهم بأطوار نشأتهم من بدئها إلى منتهاها، منذ الطفولة الواهنة الضعيفة إلى الموت والبعث والقيامة، ويعرض عليهم مشهدا من مشاهدها، ثمّ ينتهي هذا الموضوع، وتختم معه السورة بتوجيه الرسول (ص) إلى الصبر على دعوته، وما يلقاه من الناس فيها، والاطمئنان إلى أنّ وعد الله حقّ لا بدّ آت فلا يقلقه الذين لا يوقنون، ويمتد هذا الفصل من الآية ٣٣ إلى آخر السورة.
[الأفكار العامة للسورة]
الفكرة الرئيسة في سورة الروم، هي الكشف عن الارتباطات الوثيقة بين أحوال الناس وأحداث الحياة، وماضي البشرية وحاضرها ومستقبلها، وسنن الوجود ونواميس الكون، ومن خلال هذه الارتباطات، يبدو أنّ كلّ حركة وكلّ حالة وكلّ نصر وكلّ هزيمة مرتبطة جميعها برباط وثيق، محكومة بقانون دقيق وأنّ مردّ الأمر فيها كلّه لله سبحانه: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الآية ٤] . وهذه هي الحقيقة الأولى التي يؤكّدها القرآن كلّه بوصفها الحقيقة الموجّهة في هذه العقيدة.
الحقيقة التي تنشأ عنها التصوّرات جميعها والمشاعر والقيم والتقديرات، والتي بدونها لا يستقيم تصوّر ولا تقدير.
وهناك أفكار متعدّدة مبثوثة في ثنايا السورة منها:
ذكر أخبار القرون الماضية، وذكر قيام الساعة، وآيات التوحيد والحجج المترادفة الدّالة على الذّات والصّفات، وبيان البعث يوم القيامة وتمثيل حال المؤمنين والكافرين، وتقرير المؤمنين على الإيمان، والأمر بالمعروف