يقسم الله سبحانه بخيل المعركة، ويصف حركاتها واحدة واحدة، منذ أن تبدأ عدوها وجريها ضابحة بأصواتها المعروفة حين تجري، قارعة للصّخر بحوافرها، حتّى توري الشرر منها، مغيرة في الصباح الباكر لمفاجأة العدو، مثيرة للنقع والغبار، وهي تتوسّط صفوف الأعداء على غرّة، فتوقع بينهم الفوضى والاضطراب.
[الآيات ٦- ٨] : إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) . يقسم سبحانه، على أن الإنسان كنود جحود، كفور بنعمة الله، يعدّ المصائب وينسى النعم.
«وروي عن النبي (ص) : (الكنود الذي يأكل وحده ويضرب عبده، ويمنع رفده) ، كأنّه لا يعطي ممّا أنعم الله به عليه، ولا يرأف بعباد الله كما رأف الله به، فهو كافر بنعمة ربه. غير أنّ الآية عامة، والمراد منها ذكر حالة من حالات الإنسان التي تلازمه في أغلب أفراده» «١» إلّا من عصمهم الله، وهم الذين روّضوا أنفسهم على فعل الفضائل، وترك الرذائل.
وسرّ هذه الجملة، أنّ الإنسان
(١) . تفسير جزء عمّ للأستاذ الإمام محمد عبده، ص ١٠٩، مطبعة الشعب الطبعة السادسة.