ثمّ أخذ السّياق في ذكر حال من يقلّدونهم ليعتبروا بما حصل لهم، ويوازنوا بين من كفر ومن آمن منهم فذكر أخبار نوح وقومه، وأنّ الله تعالى ناداه فأجابه هو ومن آمن معه، فنجّاهم وجعل ذرّيّتهم هم الباقين، وترك على نوح سلاما في العالمين، وأغرق من كفر به فبادوا وذهبت آثارهم ثمّ ذكر السّياق أخبار إبراهيم وقومه، وأنّه جلّ وعلا رفع شأنه على من كفر به منهم، ورزقه ذرّية صالحة مباركة، وترك عليه سلاما باقيا في الآخرين ثم ذكر السّياق أخبار موسى وهارون، وأنّه جلّ وعلا نجّاهما وقومهما من ظلم فرعون، وترك عليهما سلاما باقيا في الآخرين ثم ذكر السّياق أخبار إلياس وقومه، وأنّ إلياس دعاهم إلى عبادة ربّهم وترك عبادة صنمهم بعل، فكذّبوه فاستحقّوا العذاب إلّا من آمن منهم، فإنّ الله سبحانه نجّاهم وترك عليهم سلاما في الآخرين ثم ذكر السّياق أخبار لوط وقومه، وأخبار يونس وقومه وذكر في يونس أنّ الله سبحانه أرسله إلى مائة ألف أو يزيدون:
فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨) .
إبطال نبوة الملائكة والجن الآيات [١٤٩- ١٨٢]
ثم قال تعالى: فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) فأنكر عليهم أن يكون له بنات من الملائكة، وهم إنّما يرضون البنين لأنفسهم ويكرهون البنات وذكر جلّ وعلا أنهم لم يشهدوا خلق الملائكة إناثا حتّى يصحّ لهم أن يذهبوا إليه، وإنّما هو إفك لا دليل لهم عليه، ثمّ ذكر أنهم جعلوا بينه وبين الجنّة نسبا، وهم المجوس من العرب والفرس، وكانوا يقولون بإلهين، إله للخير، وإله للشّرّ، وأنّ إله الخير هو الله، وإله الشّرّ هو إبليس ثم ردّ عليهم بأنّ الجنّة يعلمون أنهم عباد محضرون للعذاب، ونزّه نفسه سبحانه عمّا يصفونه به من النّسب بينه وبين الجنّة، وبيّن بطلان جعلهم الجن آلهة وذكر سبحانه أنهم يعجزون عن إغواء المخلصين من عباده، ولا يغوون إلا من سبق في علم الله أن يكون من أهل الجحيم ومن يكن هذا شأنه لا يكون إلها ثم ذكر سبحانه تفرّده بعلوّ الشأن فقال: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) .